الاحتلال يحارب النمو الديموغرافي للمقدسيين بالتهجير والعزل
القدس المحتلة - القسطل: يسعى الاحتلال لتغيير الواقع الديموغرافي في القدس من خلال عمليات التهجير والطرد المستمرة لأهالي القدس داخل الجدار، أو إلغاء إقامات من يحملون الهوية المقدسية خارج الجدار، بهدف خفض عدد المقدسيين من 10 _ 12% بحلول عام 2050، وتظهر هذه المساعي في تصريحات قادة الاحتلال في القدس، ومنها تصريحات قائد شرطة الاحتلال ميكي ليفي لسلخ تجمعات كبرى عن القدس وتجريد المقدسيين من هوياتهم، بعد سنوات عديدة قضاها الاحتلال في محاولات لضبط عدد المقدسيين نتيجة النمو الديموغرافي السريع لهم في القدس.
الاحتلال يواجه النمو الديموغرافي للمقدسيين
يشير الباحث راسم خمايسي إلى أنه منذ عام 1967 حتى عام 2016 ازداد عدد المقدسيين بنسبة 300% مقابل 170% فقط لليهود، أي أن نسبة المقدسيين ازدادت الضعف على الرغم من سياسات الاحتلال في ضخ أعداد كبيرة من المستوطنين في القدس خاصة، مقابل منع استصدار تراخيص للمقدسيين والتضييق عليهم لدفعهم على الخروج من المدينة المقدسة، وعلى الرغم من نمو المقدسيين السريع، إلا أن تسارع كبير في زيادة عدد المواليد اليهود لوحظ بعد عام 2012 بعد أن كانت الغلبة للمقدسيين في عدد المواليد.
ويعتبر الباحث خمايسي في حديثه لـ القسطل أن "إسرائيل" دولة هجرة تقوم على الربط بين الديموغرافيا والجغرافيا، وتطبق سياستها الديموغرافية على الزيادة الطبيعية التي بدأت تظهر في القدس منذ أكثر من عشر سنوات إذ يبلغ معدل خصوبة المرأة اليهودية 4.4 مقابل 3.1 للمرأة المقدسية، إضافة إلى اعتبارات الهجرة عن طريق صوغ اسرائيل قوانين منذ احتلالها لفلسطين مستشرفةً الوضع الديموغرافي وضرورة زيادة عدد المهاجرين اليهود في العقود القادمة، إذ أصدرت قانون العودة-شفوت عام 1950 وهي بذلك وضعت أساس الهجرة اليهودية المستمرة إذ يعتبر هذا القانون هجرة اليهود إلى القدس قيمة وواجب على اليهودي الصهيوني ويعني "عودة اليهود إلى إسرائيل"، إضافة إلى قانون القومية الذي صادقت عليه حكومة الاحتلال عام 2018 ويُعنى بلم شتات اليهود في العالم.
يقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو ذياب لـ القسطل "إن مساعي الاحتلال لخفض نسبة الفلسطينيين في القدس ازدادت بعد سن قانون القومية الذي يسعى إلى جعل القدس موحدة بحسب ما يريده الاحتلال".
ويضيف "الاحتلال يريد ارض بلا سكان، ويستخدم أدواته لسحب الهويات وإفراغ الأحياء المقدسية من سكانها".
يرى مختصون في شؤون الديموغرافيا أن صراع النمو السكاني لا يمكن حسمه طالما هناك زيادة مستمرة بين الطرفين أي أن هذا التسارع في زيادة عدد المواليد والهجرة سيقابله من الطرف الآخر زيادة سكانية حتى إن كانت النسبة أقل، لذلك يرى المختصون أن إسرائيل لجأت منذ عدة سنوات إلى مخططات تهدف إلى تقطيع أوصال المدينة المقدسة وتقليص مساحة حدود بلدية القدس والتخلي عن الأحياء الأخرى، ما يجعل إمكانية حسم الصراع الديموغرافي أقرب وأسرع، لجعل القدس يهودية.
مخططات الاحتلال لتفريغ الأحياء المقدسية من سكانها
من الأدوات التي يستخدمها الاحتلال هي سحب هويات المقدسيين، حيث تم سحب 17 ألف هوية لأرباب عائلات حتى لا يتسنى لهم ولا لعائلاتهم البقاء في القدس أو محيطها، بالإضافة إلى عمليات الهدم وعدم إعطاء تراخيص بناء، لإرغام المقدسيين على الخروج والبحث عن مراكز حياة لهم خارج القدس، ومن ثم إلغاء إقاماتهم بحجج وذرائع احتلالية تمنعهم من العودة، إحدى هذه المخططات التي يتم الحديث عنها في الإعلام الإسرائيلي هي عزل أكثر من 140 ألف فلسطيني يحملون هويات مقدسية خارج الجدار، بالإضافة إلى إخراج أحياء وقرى من داخل الجدار وضمها للضفة الغربية، إذ يقول مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري للقسطل "هناك مخططان رئيسيان، أحدهما تم الحديث عنه منذ مدة طويلة، وهو إلغاء إقامات أكثر من 140 ألف فلسطيني يحملون هويات مقدسية ويقطنون خارج الجدار في مناطق كسميراميس وكفر عقب، وهذا المخطط دائمًا ما يتم طرحه على وسائل الإعلام، لإقناع الفلسطيني أن مركز حياته بعيد عن القدس ولا مستقبل له بها أو بمحيطها".
ويضيف حموري" المخطط الآخر إخراج أحياء كبيرة من داخل الجدار كالعيسوية وإم طوبا وضمها للضفة الغربية".
يبلغ عدد حملة الهوية المقدسية 332 ألف فلسطيني في القدس ومحيطها، إذ يقول الحموري "هناك مخططات نسمع عنها دائمًا وهي مخطط لعام 2020 ومخطط لعام 2030 حتى عام 2050 يتحدث عنها مخططون سياسيون، والمخطط القادم هو إحلال أكثر من 300 ألف مستوطن في القدس، على حساب أكثر من 200 ألف فلسطيني سيتم طردهم ليصبح عدد المقدسيين لا يتعدى 100 ألف في ما يسمى بحدود بلدية القدس".
ومن المستوطنات التي يعمل الاحتلال جاهدًا على ضمها مستوطنة معاليه أدوميم لإدخالها داخل حدود ما يسمى ببلدية القدس، هذا يهدف إلى خفض عدد الأحياء والبلدات العربية وزيادة المستوطنات، لقلب الواقع الديموغرافي الذي تسعى له إسرائيل، لجعل القدس يهودية وأسرلة الأجزاء العربية المتبقية.
ويقول حموري"هناك تجارب انطلق منها الاحتلال لعزل المقدسيين، منها تجربة مخيم شعفاط خارج الجدار، إذ يعد المخيم هدف للعزل وهو ضمن الـ 140 ألف فلسطيني الذين يقطنون خارج حدود بلدية القدس، ومركز حياتهم ليس فيها، هذا يعني أنهم في أي وقت قد يفقدون كل ما لديهم إن أرادت إسرائيل سحب الهويات منهم".
وكان قد تم عزل مخيم شعفاط بذريعة الحماية الأمنية غير أن إسرائيل كانت تسعى لفصل القدس عن محيطها بالكامل.
تستمر "إسرائيل" في سياسة إفراغ المدينة من سكانها، لأنها تعلم أن خط الدفاع الأول والوحيد عن القدس هو المواطن، وإفراغ المدينة من سكانها يعني تحقيق مطامع إسرائيل في عاصمة يهودية بحتة.
. . .